قصة المطــــر
في حديقةِ القصر الكبير، قعد الثريُّ الأكرشُ، على مقعد وثير
وضع كلبه بين ساقيه، وأخذ يسرّحُ له شعره، ويرشفُ القهوةَ مسروراً
وظلّتْ قطراته الضاحكة، ترقص على الأرض.. والأرضُ تضمُّها إلى صدرها
كأنها أُمٌّ رؤوم، فقد مضى زمنٌ طويل، والمطر لم يهطل
وحزنتِ الأرضُ المعطاء، لأنها لا تقدرُ على العطاء. لقد نضبَ ماؤها، وجفَّ ترابها
والعشب لم ينبت وجاعت الأغنام، وجفّتِ الضروع
وطلب الأطفالُ الحليب، وليس من مجيب
وأصابَ الهزالُ الحملان، وأصبح الموتُ يفترسها، فيرمقها الرعاةُ بأبصارهم، ولا يدرون ماذا يفعلون
اتجهوا إلى السماء، ورفعوا الكفوفَ والأبصار، يدعون بخشوع، ليهطل المطر
وانتثر المطر، كأنّهُ الدُّرَر واهتزّتِ الأرضُ، للخصب والثمر
يا فرحةَ الفلاح، يا فرحةَ الشجر يا فرحةَ التراب، يعانق المطر
وانتصب الثريُّ، في شرفة قصره، كأنه تمثال من حجر، يسائل نفسه مدهوشاً
لماذا يهطل المطر
قصة المطــــر