جرحان
كان الطلاق منذ عام ونصف ومع ذلك لم أرى صديقتي منفعلة ,غاضبة ,نادمة مثلما كانت في ذلك اليوم حين جائتني وارتمت على صدري وبكت ….بكت حتى رأيتها واحدة أخرى غير تلك الفتاة الجميلة شديدة الإعتزاز بنفسها ضنينة الدموع التي تخفي انفعالاتها وتبدو هادئة متماسكة في أقسى اللحظات لاهية غير مكترثة مهما كانت مستفزة
ولذلك توقعت أمرا جللا وظللت أسألها وهي منخرطة في البكاء عما بها …وأسألها عن صحة أبيها المريض… وأخبار شقيقتها المسافرة مع زوجها …وشقيقها الذي أجرى عملية جراحية مؤخرا
لم تجبني سوى بإشارات نفي لما خطر على بالي من احتمال إصابة أحد من أفراد أسرتها بمكروه !!
ظلت الإحتمالات تتزاحم في رأسي حتى هدأت قليلا وتكلمت …ولم تنطق سوى بجملة واحدة :
رأيته اليوم …سألتها :من ؟؟
فأجابت بصوت لازال مختنقا بالدموع :خطيبي السابق …وكان يركن سيارته أمام مطعم شهير مجاور للشركة التي أعمل بها ورأيت زوجته وطفليه أما هو فيبدو أنه لم يرني… فقد دخل إلى المطعم ولوح لزوجته لتلحق به فأشارت برأسها ولمحت وجهها الجميل وملابسها التي تبدو باهظة الثمن و…….
قاطعتها وتساءلت بانزعاج واستنكار :ألهذا تبكين ؟؟
ردت باستنكار أشد :وهل هذا شيء هين مستقبلي ضاع وخسرت كل شيء وربح هو كل شيء ؟؟!!
كان هذا آخر ما قالته قبل أن تغادرني وعيناها مختنقتان ووجهها شديد الذبول !!
وتذكرت حكايتها التي انتهت بطلاق موجع تنازلت من أجله عن كل حقوقها وكانت تبدو بعده سعيدة وكأنها تخلصت من عبء ثقيل لم ألمحها تبكي مرة واحدة بعد طلاقها الذي مضى عليه أكثر من 3 اعوام واليوم بكت وكأنها كانت تدخر دموعها لتذرفها كلها دفعة واحدة
كان خطيب صديقتي شابا طموحا جمعت أسرتيهما جيرة طويلة وعندما تقدم لخطبتها وكان حديث التخرج أمامه مستقبل علمي مرموق بعد تعيينه معيدا بكليته … وافقت بلا تردد وظلت تزهو بخطبتها له شهورا قصيرة وتتباهى بمهنته وثقافته وبعد عام من الخطبة عرض عليها إتمام الزواج في شقة أسرته الواسعة حتى يستطيع تدبير سكن مستقل …رفضت رغم أن كل شقيقاته كن قد تزوجن وتوفي والده ولم يكن هناك سوى أمه الطيبة التي يشهد لها الجميع بالتقوى وحسن الجوار
كان رفضها حادا مشفوعا بعبارات جارحة قالتها لي وهي تحكي الموقف بلهجة ساخرة وتتساءل :
طالما هو ليس قادرا على شراء سكن مستقل وتأثيثه بشكل لائق لماذا يطلب بنات الناس للزواج ؟؟
نصحتها بالقبول وتحدثت معها عما ينتظر خطيبها في المستقبل إن شاء الله من ارتقاء مهني ورزق واسع لتخصصه النادر وكفاءته العلمية ضربت لها أمثلة بنماذج أعرفها وتعرفها هي كافحت وصبرت وتحملت قسوة الظروف حتى كا فأها الله …لم تقتنع وسألتني :ولم التحمل ؟؟ولماذا أضيع شبابي في الكفاح والصبر والعيش في بيت قديم وليس في شقة لي وحدي لاتشاركني فيها عجوز مريضة ؟؟
لا…لا…إن لم يكن لديه حل آخر فلدي أنا الحل
نصحتها بالتمهل وعدم اتخاذ أي قرار متعجل …فوعدتني خيرا
وعرفت بعد ذلك أنها فسخت خطبتها عندما أكد لها خاطبها أنه لن يستطيع تدبير مسكن مستقل قبل ثلاثة أعوام …ناشدها أن تتحملها معه حتى يقدر الله لهما الخير معها …رفضت وانتهت خطبتها
تزوجت صديقتي بعدها بشهور من قريب لها كان مسافرا إلى دولة عربية وكان الزواج سريعا في شقة فاخرة وبأثاث أفخر ولم يمض عامان حتى طلقت بعد خلافات عديدة أرهقتني بتفاصيلها وكنت أراها خلافات عادية تحدث في كل بيت ولكنها لم تجد لها حلا سوى الطلاق !!!
وكنت قد عرفت بعد فسخ خطبتها الأولى أن جارها خطب زميلة له قبلت الزواج في بيت أسرته …وأنه يعمل في مكتب هندسي براتب مجز فترة مسائية بجوار عمله في الكلية وقد فتح الله عليه وأراد شراء شقة فرفضت زوجته حتى لايترك أمه وحدها …فاشترى سيارة …وحصل على الماجستير ويعد نفسه للدكتوراه
كل هذا عرفته وصديقتي متزوجة ولم أقل لها شيئا منه ولكنها عرفته وحدها حين رأت خاطبها السابق وأسرته …وعرفت أن الله عوضه خيرا عما سببته له من آلام الخذلان والتخلي …قطف هو الثمرة ولم تجن هي سوى الشوك …عمل ففاز …وتعجلت فخسرت وحملت لقب مطلقة وهي لازالت شابة …استكثرت شبابها على الصبر ومساندة شريك الحياة القادمة فدفعته كله ثمنا لحرية مزعومة !!
إحترمت خاطبها قدر ما أشفقت عليها وتخيلت حجم الندم الذي يسكنها …فتمنيت لو حكت هي قصتها لكل فتاة تستثقل صعوبات البداية فتختار ما هو أثقل وتتخيل مرارة تحديات الأستمرار فتركن إلى ماهو أكثر مرارة
رثيت لها وتيقنت أنها في ذلك اليوم – وفيه فقط – صار جرحها جرحين وأن رؤيتها لخاطبها الهانئ وزوجته الطيبة طعنتها في الصميم …فأيقظت فيها طعنة كانت تحاول مداراتها …
طعنة الطلاق !!!
كان الطلاق منذ عام ونصف ومع ذلك لم أرى صديقتي منفعلة ,غاضبة ,نادمة مثلما كانت في ذلك اليوم حين جائتني وارتمت على صدري وبكت ….بكت حتى رأيتها واحدة أخرى غير تلك الفتاة الجميلة شديدة الإعتزاز بنفسها ضنينة الدموع التي تخفي انفعالاتها وتبدو هادئة متماسكة في أقسى اللحظات لاهية غير مكترثة مهما كانت مستفزة
ولذلك توقعت أمرا جللا وظللت أسألها وهي منخرطة في البكاء عما بها …وأسألها عن صحة أبيها المريض… وأخبار شقيقتها المسافرة مع زوجها …وشقيقها الذي أجرى عملية جراحية مؤخرا
لم تجبني سوى بإشارات نفي لما خطر على بالي من احتمال إصابة أحد من أفراد أسرتها بمكروه !!
ظلت الإحتمالات تتزاحم في رأسي حتى هدأت قليلا وتكلمت …ولم تنطق سوى بجملة واحدة :
رأيته اليوم …سألتها :من ؟؟
فأجابت بصوت لازال مختنقا بالدموع :خطيبي السابق …وكان يركن سيارته أمام مطعم شهير مجاور للشركة التي أعمل بها ورأيت زوجته وطفليه أما هو فيبدو أنه لم يرني… فقد دخل إلى المطعم ولوح لزوجته لتلحق به فأشارت برأسها ولمحت وجهها الجميل وملابسها التي تبدو باهظة الثمن و…….
قاطعتها وتساءلت بانزعاج واستنكار :ألهذا تبكين ؟؟
ردت باستنكار أشد :وهل هذا شيء هين مستقبلي ضاع وخسرت كل شيء وربح هو كل شيء ؟؟!!
كان هذا آخر ما قالته قبل أن تغادرني وعيناها مختنقتان ووجهها شديد الذبول !!
وتذكرت حكايتها التي انتهت بطلاق موجع تنازلت من أجله عن كل حقوقها وكانت تبدو بعده سعيدة وكأنها تخلصت من عبء ثقيل لم ألمحها تبكي مرة واحدة بعد طلاقها الذي مضى عليه أكثر من 3 اعوام واليوم بكت وكأنها كانت تدخر دموعها لتذرفها كلها دفعة واحدة
كان خطيب صديقتي شابا طموحا جمعت أسرتيهما جيرة طويلة وعندما تقدم لخطبتها وكان حديث التخرج أمامه مستقبل علمي مرموق بعد تعيينه معيدا بكليته … وافقت بلا تردد وظلت تزهو بخطبتها له شهورا قصيرة وتتباهى بمهنته وثقافته وبعد عام من الخطبة عرض عليها إتمام الزواج في شقة أسرته الواسعة حتى يستطيع تدبير سكن مستقل …رفضت رغم أن كل شقيقاته كن قد تزوجن وتوفي والده ولم يكن هناك سوى أمه الطيبة التي يشهد لها الجميع بالتقوى وحسن الجوار
كان رفضها حادا مشفوعا بعبارات جارحة قالتها لي وهي تحكي الموقف بلهجة ساخرة وتتساءل :
طالما هو ليس قادرا على شراء سكن مستقل وتأثيثه بشكل لائق لماذا يطلب بنات الناس للزواج ؟؟
نصحتها بالقبول وتحدثت معها عما ينتظر خطيبها في المستقبل إن شاء الله من ارتقاء مهني ورزق واسع لتخصصه النادر وكفاءته العلمية ضربت لها أمثلة بنماذج أعرفها وتعرفها هي كافحت وصبرت وتحملت قسوة الظروف حتى كا فأها الله …لم تقتنع وسألتني :ولم التحمل ؟؟ولماذا أضيع شبابي في الكفاح والصبر والعيش في بيت قديم وليس في شقة لي وحدي لاتشاركني فيها عجوز مريضة ؟؟
لا…لا…إن لم يكن لديه حل آخر فلدي أنا الحل
نصحتها بالتمهل وعدم اتخاذ أي قرار متعجل …فوعدتني خيرا
وعرفت بعد ذلك أنها فسخت خطبتها عندما أكد لها خاطبها أنه لن يستطيع تدبير مسكن مستقل قبل ثلاثة أعوام …ناشدها أن تتحملها معه حتى يقدر الله لهما الخير معها …رفضت وانتهت خطبتها
تزوجت صديقتي بعدها بشهور من قريب لها كان مسافرا إلى دولة عربية وكان الزواج سريعا في شقة فاخرة وبأثاث أفخر ولم يمض عامان حتى طلقت بعد خلافات عديدة أرهقتني بتفاصيلها وكنت أراها خلافات عادية تحدث في كل بيت ولكنها لم تجد لها حلا سوى الطلاق !!!
وكنت قد عرفت بعد فسخ خطبتها الأولى أن جارها خطب زميلة له قبلت الزواج في بيت أسرته …وأنه يعمل في مكتب هندسي براتب مجز فترة مسائية بجوار عمله في الكلية وقد فتح الله عليه وأراد شراء شقة فرفضت زوجته حتى لايترك أمه وحدها …فاشترى سيارة …وحصل على الماجستير ويعد نفسه للدكتوراه
كل هذا عرفته وصديقتي متزوجة ولم أقل لها شيئا منه ولكنها عرفته وحدها حين رأت خاطبها السابق وأسرته …وعرفت أن الله عوضه خيرا عما سببته له من آلام الخذلان والتخلي …قطف هو الثمرة ولم تجن هي سوى الشوك …عمل ففاز …وتعجلت فخسرت وحملت لقب مطلقة وهي لازالت شابة …استكثرت شبابها على الصبر ومساندة شريك الحياة القادمة فدفعته كله ثمنا لحرية مزعومة !!
إحترمت خاطبها قدر ما أشفقت عليها وتخيلت حجم الندم الذي يسكنها …فتمنيت لو حكت هي قصتها لكل فتاة تستثقل صعوبات البداية فتختار ما هو أثقل وتتخيل مرارة تحديات الأستمرار فتركن إلى ماهو أكثر مرارة
رثيت لها وتيقنت أنها في ذلك اليوم – وفيه فقط – صار جرحها جرحين وأن رؤيتها لخاطبها الهانئ وزوجته الطيبة طعنتها في الصميم …فأيقظت فيها طعنة كانت تحاول مداراتها …
طعنة الطلاق !!!
قرأت هذه القصة في أحد الكتب وأعجبتني كثيرا وهي حسب ما كتب مؤلف الكتاب واقعية
فنقلتها لكم لما فيها من الفائدة وأتمنى أن تنال اعجابكم
دمتم بود